سورة المائدة - تفسير تفسير السيوطي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (المائدة)


        


{وَلَقَدْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَبَعَثْنَا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيبًا وَقَالَ اللَّهُ إِنِّي مَعَكُمْ لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلَاةَ وَآَتَيْتُمُ الزَّكَاةَ وَآَمَنْتُمْ بِرُسُلِي وَعَزَّرْتُمُوهُمْ وَأَقْرَضْتُمُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَلَأُدْخِلَنَّكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ فَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ (12)}
أخرج ابن جرير عن أبي العالية في قوله: {ولقد أخذ الله ميثاق بني إسرائيل} قال: أخذ الله مواثيقهم أن يخلصوا له ولا يعبدوا غيره {وبعثنا منهم اثني عشر نقيباً} يعني بذلك وبعثنا منهم اثني عشر كفيلاً، فكفلوا عليهم بالوفاء لله بما وثقوا عليه من العهود فيما أمرهم عنه.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد في قوله: {اثني عشر نقيباً} قال: من كل سبط من بني إسرائيل رجال، أرسلهم موسى إلى الجبارين، فوجدوهم يدخل في كم أحدهم اثنان، ولا يحمل عنقود عنبهم إلا خمسة أنفس بينهم في خشبة، ويدخل في شطر الرمانة إذا نزع حبها خمسة أنفس وأربعة، فرجع النقباء كل منهم ينهى سبطه عن قتالهم إلا يوشع بن نون وكالب بن باقية. أمرا الأسباط بقتال الجبارين ومجاهدتهم، فعصوهما وأطاعوا الآخرين، فهما الرجلان اللذان أنعم الله عليهما، فتاهت بنو إسرائيل أربعين سنة يصبحون حيث أمسوا ويمسون حيث أصبحوا في تيههم ذلك، فضرب موسى الحجر لكل سبط عيناً حجر لهم يحملونه معهم، فقال لهم موسى: اشربوا يا حمير. فنهاه الله عن سبهم، وقال: هم خلقي فلا تجعلهم حميراً. والسبط كل بطن بني فلان.
وأخرج ابن جرير عن السدي قال: أمر الله بني إسرائيل بالسير إلى أريحاء- وهي أرض بيت المقدس- فساروا حتى إذا كانوا قريباً منه، أرسل موسى اثني عشر نقيباً من جميع أسباط بني إسرائيل، فساروا يريدون أن يأتوه بخبر الجبابرة، فلقيهم رجل من الجبارين يقال له عاج، فأخذ اثني عشر فجعلهم في حجزته وعلى رأسه حزمة حطب، فانطلق بهم إلى امرأته فقال: انظري إلى هؤلاء القوم الذين يزعمون أنهم يريدون أن يقاتلونا، فطرحهم بين يديها فقال: ألا أطحنهم برجلي؟ فقالت امرأته: بل خل عنهم حتى يخبروا قومهم بما رأوا. ففعل ذلك، فلما خرج القوم قال بعضهم لبعض: يا قوم، إنكم ان أخبرتم بني إسرائيل خبر القوم ارتدوا عن نبي الله، لكن اكتموه، ثم رجعوا فانطلق عشرة منهم فنكثوا العهد، فجعل كل منهم يخبر أخاه وأباه بما رأى من عاج، وكتم رجلان منهم، فأتوا موسى وهارون فأخبروهما، فذلك حين يقول الله: {ولقد أخذ الله ميثاق بني إسرائيل وبعثنا منهم اثني عشر نقيباً}.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة في قوله: {وبعثنا منهم اثني عشر نقيباً} قال: شهيداً من كل سبط رجل شاهد على قومه.
وأخرج ابن جرير عن الربيع قال: النقباء، الأمناء.
وأخرج الطستي عن ابن عباس. أن نافع بن الأزرق قال له: أخبرني عن قوله عز وجل {اثني عشر نقيباً}. قال: اثني عشر وزيراً وصاروا أنبياء بعد ذلك.
قال: وهل تعرف العرب ذلك؟ قال: نعم، أما سمعت الشاعر يقول:
وإني بحق قائل لسراتها *** مقالة نصح لا يضيع نقيبها
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله عز وجل {اثني عشر نقيباً} قال: هم من بني إسرائيل بعثهم موسى لينظروا إلى المدينة، فجاؤوا بحبة من فاكهتهم، فعند ذلك فتنوا، فقالوا: لا نستطيع القتال فاذهب أنت وربك فقاتلا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لو صدقني وآمن بي واتبعني عشرة من اليهود لأسلم كل يهودي» كان قال كعب اثني عشر، وتصديق ذلك في المائدة {وبعثنا منهم اثني عشر نقيباً}.
وأخرج أحمد والحاكم عن ابن مسعود. أنه سئل كم يملك هذه الأمة من خليفة؟ فقال: سألنا عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «اثنا عشر كعدة بني إسرائيل».
وأخرج ابن أبي حاتم عن الربيع بن أنس. أن موسى عليه السلام قال للنقباء الاثني عشر: سيروا اليوم فحدثوني حديثهم وما أمرهم، ولا تخافوا إن الله {معكم لئن أقمتم الصلاة وآتيتم الزكاة وآمنتم برسلي وعزرتموهم وأقرضتم الله قرضاً حسناً}.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: {وعزرتموهم} قال: أعنتموهم.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد في قوله: {وعزرتموهم} قال: نصرتموهم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد قال: التعزيز والتوقير. النصرة والطاعة.


{فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ وَلَا تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَى خَائِنَةٍ مِنْهُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (13)}
أخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله: {فبما نقضهم ميثاقهم} قال: هو ميثاق أخذه الله على أهل التوراة فنقضوه.
وأخرج ابن جرير عن قتادة في قوله: {فبما نقضهم} يقول: فبنقضهم.
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة في قوله: {فبما نقضهم ميثاقهم لعناهم} قال: اجتنبوا نقض الميثاق، فإن الله قدم فيه وأوعد فيه، وذكره في آي من القرآن تقدمة ونصيحة وحجة، وإنما بعظم عظمها الله به عند أولي الفهم والعقل وأهل العلم بالله، وانا ما نعلم الله أوعد في ذنب ما أوعد في نقض الميثاق.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله: {يحرِّفون الكلم عن مواضعه} يعني حدود الله في التوراة يقول: ان أمركم محمد بما أنتم عليه فاقبلوه، وإن خالفكم فاحذروا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: {ونسوا حظاً مما ذكروا به} قال: نسوا الكتاب.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن مجاهد في قوله: {ونسوا حظاً مما ذكروا به} قال: نسوا الكتاب.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن مجاهد في قوله: {ونسوا حظاً مما ذكروا به} قال: كتاب الله إذا نزل عليهم.
وأخرج ابن جرير عن السدي في قوله: {ونسوا حظاً} تركوا نصيباً.
وأخرج ابن جرير عن الحسن في قوله: {ونسوا حظاً مما ذكروا به} قال: عرى دينهم ولطائف الله التي لا يقبل الأعمال إلا بها.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة في الآية قال: نسوا كتاب الله بين أظهرهم، وعهده الذي عهده إليهم، وأمره الذي أمرهم به، وضيعوا فرائضه، وعطلوا حدوده، وقتلوا رسله، ونبذوا كتابه.
وأخرج ابن المبارك وأحمد في الزهد عن ابن مسعود قال: إني لأحسب الرجل ينسى العلم كان يعلمه بالخطيئة يعملها.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد في قوله: {ولا تزال تطلع على خائنة منهم} قال: هم يهود مثل الذي هموا به من النبي صلى الله عليه وسلم يوم دخل عليهم حائطهم.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد في قوله: {ولا تزال تطَّلع على خائنة منهم} يقول: على خيانة وكذب وفجور. وفي قوله: {فاعف عنهم واصفح} قال: لم يؤمر يومئذ بقتالهم، فأمرهم الله أن يعفو عنهم ويصفح، ثم نسخ ذلك في براءة فقال: {قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر...} [ التوبة: 29] الآية.


{وَمِنَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ فَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللَّهُ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ (14)}
أخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن قتادة في قوله: {ومن الذين قالوا إنا نصارى} قال: كانوا بقرية يقال لها ناصرة، كان عيسى بن مريم ينزلها.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة في قوله: {ومن الذين قالوا إنا نصارى} قال: كانوا بقرية يقال لها ناصرة نزلها عيسى، وهو اسم تسموا به ولم يؤمروا به. وفي قوله: {ميثاقهم فنسوا حظاً مما ذكروا به} قال: نسوا كتاب الله بين أظهرهم، وعهد الله الذي عهد لهم، وأمر الله الذي أمر به وضيعوا فرائضه {فأغرينا بينهم العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة} قال: بأعمالهم أعمال السوء، ولو أخذ القوم بكتاب الله وأمره ما تفرقوا وما تباغضوا.
وأخرج أبو عبيد وابن جرير وابن المنذر عن إبراهيم في قوله: {فأغرينا بينهم العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة} قال: أغرى بعضهم بعضاً بالخصومات والجدال في الدين.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن إبراهيم في الآية قال: ما أرى الإغراء في هذه الآية إلا الأهواء المختلفة.
وأخرج ابن جرير عن الربيع قال: إن الله تقدم إلى بني إسرائيل أن لا يشتروا بآيات الله ثمناً قليلاً، ويعلموا الحكمة ولا يأخذوا عليها أجراً، فلم يفعل ذلك إلا قليل منهم، فأخذوا الرشوة في الحكم وجاوزوا الحدود، فقال في اليهود حيث حكموا بغير ما أمر الله {وألقينا بينهم العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة} [ المائدة: 64] وقال في النصارى {فنسوا حَظًّا مما ذكروا به فأغرينا بينهم العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة}.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8